في كل موسم انتخابي، تتكرر الوجوه وتتشابه الشعارات، لكن ما لا يتكرر هو موقف الرجال حين تُختبر المواقف لا الكلمات. فالانتخابات ليست أوراقًا تُلقى في الصناديق، بل سلوكًا يفضح من يطلب المنصب لمكسب شخصي، ويُظهر من يدخل المعركة العامة بروح المسؤولية لا بروح “السبوبة”.
ومع اقتراب انتهاء الانتخابات الجديدة، تتجلى الحقيقة القديمة التي يعرفها كل من خَبِر دهاليز العمل العام؛ أن الضجيج لا يصنع قائدًا، وأن كثرة الوعود لا تعني قوة الفعل. في هذه اللحظات، تتعرى الشخصيات أمام الجماهير: من يمتلك موقفًا، ومن يمتلك لسانًا فقط.
الرجال لا يقفون عند حدود الشعارات ولا يتخفون خلف لافتات مؤجرة، بل يواجهون الناس بصدق، ويُعلنون برامجهم بوضوح، ويتحملون تبعات قراراتهم مهما كانت مكلفة. أما الذين اعتادوا القفز من مركبٍ إلى آخر، فهؤلاء يعرفهم الجميع ويقرأون تحركاتهم قبل أن ينطقوا.
وتعتبر إيجابية المشاركة في الانتخابات لاختيار الأصلح مسؤولية الجميع، فهي تعكس وعي المواطن وحرصه على اختيار القيادات القادرة على إدارة الشأن العام بكفاءة وعدالة، وتساهم في تعزيز الثقة بين الشعب والمؤسسات وتحقيق التنمية المستدامة.
الانتخابات تعطي كل شخص فرصة واحدة ليكشف عن معدنه. فمن كان صادقًا ظهر، ومن كان متلونًا انطفأ سريعًا مهما حاول الظهور. وهنا يتضح دائمًا الفارق بين رجل يُبنى عليه، ورجل يُبنى فوقه — ثم يسقط.
وفي النهاية، يبقى المبدأ واضحًا:
المناصب لا تصنع الرجال… الرجال هم من يصنعون المناصب.











