مستمر على مدار سنوات.. بل عقود.. الفصال في الواقع المصري، مقابل نقل أو تنفيذ خدمة، وكأننا نعيش في سوق كبير، وليس دولة يفترض أن بها قانونًا يُحترم ويُطبق، ومؤسسات يُفترض أنها تقوم بدورها الحقيقي.
لم نعد نعيش في اقتصاد السوق، أو في بلد يحكمه قانون العرض والطلب، ولكن نعيش في فوضى اقتصادية واجتماعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأصبحت الفهلوة هي المتحكمة في كل شيء.
فمثلًا.. لو أردت شراء منتج من محل في وسط البلد أو مدينة نصر أو المعادي، أو في أي مكان، تجد أن السعر يختلف من محل لآخر، على الرغم من أن المنتج نفسه، والمكان نفسه، ولكن الفارق أنك تجيد الفصال، وقدرتك على خفض السعر تساوي مهارة بعض اللاعبين في المراوغة داخل المستطيل الأخضر.
ونتيجة لذلك، لا توجد رقابة حقيقية، سواء من وزارة التموين، أو حماية المستهلك، أو حتى الضمير المهني، لتجد أنك أمام واقع عبثي لا يتفق مع أي من قوانين الدولة أو الاقتصاد أو حتى مبادئ العدالة.
عدم احترام الفاتورة الضريبية.. وعدم إصدارها لكل المصريين، يخلق حالة من الفوضى، ويدفع المواطن إلى شراء ما يحتاجه دون ضامن حقيقي، وقد يتعرض للنصب أو الغش التجاري دون أي حقوق.
نعم.. نحتاج إلى إعادة نظر حقيقية، في كل شيء يخص حياتنا اليومية، بدءًا من الأسعار، ومرورًا بالخدمات العامة، وحتى أسلوب تعامل الناس في الشارع أو في المصالح الحكومية.
هناك غياب كامل للمنطق والعدل، وتسيطر الفوضى على الأسواق، ولا تجد معيارًا ثابتًا لأي شيء.
ولا حديث عن سياسة تسعير واضحة، أو رقابة فعالة، وأصبح لكل شخص “سعره”، ولكل مكان “منطقه”، حتى في المصروفات الدراسية أو الكشف الطبي، أو حتى خدمات الحكومة.
مسؤولية الدولة أن تعيد الأمور إلى نصابها.. أن تحكم الأسواق بالرقابة والقانون، وأن يكون هناك تسعير واضح ومعلن ومُلزم للجميع.
المطلوب هو تفعيل الرقابة على الأسواق والمستشفيات والمدارس الخاصة، وإلزام الجميع بالإعلان عن أسعار الخدمات والمنتجات بشكل واضح، ومحاسبة من يخالف.
لا نعيش في غابة، ولا يليق أن تستمر الأمور على هذا النحو، وإلا فليتوقف الجميع عن الحديث عن “الدولة القوية” و”العدالة الاجتماعية” و”الجمهورية الجديدة”.
الواقع يقول إن الفوضى تتسع.. وعلى من يهمه الأمر أن يتحرك قبل فوات الأوان.