في كل مرحلة، خاصة حين تشتد فيها الأزمات أو تتغير فيها المعادلات، تظهر تلك الوجوه التي لا تنتمي للمشهد الحقيقي.. وجوه خرجت من خلف الكواليس، تعتقد أن رفع الصوت هو الطريق إلى الظهور، وأن اصطناع الصدام هو طريق المجد!
في السياسة كما في الإعلام، وكما في كل ساحة بها أضواء، هناك دائمًا “فقاقيع” تصعد فجأة.. وتعتقد أن اللحظة ملكٌ لها، وأن الناس لا ترى غيرها، بينما في الحقيقة، الجميع يعرف: أنها مجرد فقاعات صابون، تلمع للحظة وتختفي دون أثر.
اللافت هذه الأيام أن هناك أقزامًا سياسية – لا علاقة لهم بفن السياسة ولا أدواتها ولا حتى فهم أبسط قواعدها – قرروا فجأة أنهم “قادة رأي”، وأنهم أصحاب مشروع، بل وأصحاب كلمة في ملفات بحجم الوطن!
هؤلاء، ببساطة، يتوهمون
يتوهمون أن مجرد وقوفهم أمام ميكروفون أو خلف شاشة أو وسط مجموعة مصفقين، يكفي ليصبحوا “صانعي قرار”.
يتحدثون بلغة الخداع، وينفخون في أنفسهم وهم لا يملكون شيئًا.. لا ثقل ولا تأثير ولا حتى احترام جمهور بسيط!
السياسة ليست فهلوة، ولا إدارة الأوطان بالجعجعة، ولا تُبنى المواقف من داخل صالونات مغلقة أو مصالح شخصية.. السياسة علم وفهم وتاريخ ومواقف، ومَن لا يملك منها شيئًا، لا يمكنه أن يُقنع الناس مهما جرب التمثيل.
ومهما علا صوت هؤلاء، ستبقى الحقيقة واضحة:
الناس تعرف من يعمل ومن يتكلم فقط، من لديه موقف ومن يغير مواقفه كلما تغير اتجاه الريح، ومن عاش بقلب هذا الوطن، ومن يحاول تسلق جدرانه من خارج السياق.
أما الأقزام، فمكانهم الطبيعي خلف المشهد، لا أمامه.