✍️ محمد الشريف
في واحدة من أصعب وأغرب لحظات مسيرته التدريبية، قاد حمزة الجمل فريق إنبي في مواجهة نادٍ لا يسكن فقط تاريخه الكروي، بل وجدانه وذكرياته وأحلامه الأولى… النادي الإسماعيلي.
لم تكن المباراة مجرد ثلاث نقاط في صراع البقاء، بل مشهدًا إنسانيًا معقّدًا جمع بين الوفاء والاحتراف، بين مشاعر الانتماء ومتطلبات المهنة. وقف حمزة الجمل على الخط الجانبي بملامح ثابتة، لكنه في داخله كان يعيش صراعًا بين القلب والعقل.
حرب النجاة على الورق
دخل الفريقان اللقاء وهما يتشاركان الخوف ذاته… الإسماعيلي في المركز السابع بـ19 نقطة، وإنبي خلفه بنقطة واحدة فقط. كل منهما يدرك أن أي هفوة قد تضعه في مهب الهبوط، وكل منهما يطارد أمل البقاء وسط مجموعة نارية لا ترحم.
فنياً، ظهر إنبي أكثر تنظيمًا، واستطاع حمزة الجمل أن يفرض أسلوبه في بعض فترات الشوط الأول، معتمدًا على الضغط المبكر وإغلاق مفاتيح لعب الدراويش، لكنه لم يغفل جانب الحذر، فهو يعلم تمامًا أن الإسماعيلي قد ينتفض في لحظة واحدة.
الإسماعيلي… جسد مرهق وروح تقاتل
أما الدراويش، فقد لعبوا بكل ما تبقى من طاقة، أظهرت تحركات اللاعبين رغبة في البقاء، لكن القلق كان واضحًا، وكأنهم يشعرون بأن مباراة الليلة أكبر من مجرد مواجهة… إنها مباراة كرامة وهوية وتاريخ.
حمزة… الخنجر والجرح
الأنظار كانت كلها على رجل واحد… حمزة الجمل، الذي عاش ليالٍ لا تُنسى على مقاعد بدلاء الإسماعيلي، واليوم يعود كخصم. البعض اتهمه بالجحود، والبعض الآخر تفهّم موقفه، لكنه هو وحده من شعر بثقل المهمة. لم يصرخ، لم يحتفل، ولم يترك لمشاعره أن تتغلب عليه، لكنه حتماً لم ينسَ أين بدأ.
ما بعد صافرة النهاية
انتهت المواجهة، وخرج الفريقان بجراح متفاوتة. الجمهور ظل حائرًا: هل يلوم الجمل لأنه أدى عمله باحتراف؟ أم يشفق عليه لأنه قاتل فريقه الأول؟ أما هو، فغادر الملعب في صمت… وكأنه ترك وراءه جزءًا من قلبه على العشب.
هي كرة القدم، لكنها أحيانًا تكون أقسى من الحرب… لأنها تضعك في مواجهة من تحب، وتجبرك على أن تؤذيه دون أن تكرهه.