✍️ ليبيا – سالم العقوري
لا يمكن الحديث عن كرة القدم الليبية دون التوقف عند “ديربي بنغازي”، الذي يجمع بين ناديي التحدي والأهلي بنغازي، أعرق أندية المدينة وأبرزها تاريخاً وجماهيرية. إنه أكثر من مجرد مباراة، فهو حدث رياضي وثقافي يعكس التنافس والهوية والانتماء في مدينة تعتبر منبعاً للكرة الليبية.
جذور هذا الصراع تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، حينما بدأت شرارة أول لقاء رسمي بين الفريقين، في زمن كانت فيه الكرة الليبية تخطو أولى خطواتها نحو التنظيم والاحتراف. ومنذ ذلك الوقت، لم يتوقف ديربي بنغازي عن صناعة الذكريات والتاريخ.
نادي التحدي، صاحب اللون الأبيض والأسود، يُلقب بـ”الفهود”، وتميز على مدار سنواته الطويلة باللعب النظيف والانضباط التكتيكي. أما الأهلي بنغازي، المعروف بـ”الجزارة”، فيملك قاعدة جماهيرية عريضة تعيش معه تفاصيل كل انتصار وكل كبوة، وازدادت شعبيته بفضل مشاركاته القارية وبطولاته المحلية.
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كانت مباريات الديربي تُلعب وسط أجواء استثنائية، وبرز خلالها نجوم لا تُنسى مثل عبد الله بلعيد من التحدي وعلي البشاري من الأهلي، ليُخلّد كل منهم اسمه في صفحات المجد.
ورغم تغير الزمن وتبدل المعطيات، لا يزال هذا الديربي ينبض بالحياة. في الحاضر، تطورت الأمور على المستطيل الأخضر، فزادت اللمسات الفنية، وتوسّع الحضور الإعلامي، وبقيت الجماهير الرقم الأصعب في المعادلة. وعلى الرغم من العقبات التي تمر بها الكرة الليبية، يبقى ديربي بنغازي مشتعلاً في كل مرة، لا يعترف بالغيابات أو الأزمات.
ما يميز هذا اللقاء هو بعده المجتمعي، حيث تنقسم العائلات وتشتعل الأحياء بالنقاشات والتحديات. هو ديربي لا يُنسى، لأن فيه تختلط الذكريات بالعاطفة، ويصبح الولاء للنادي أشبه بالهوية.
ويبقى ديربي التحدي والأهلي بنغازي واحداً من أبرز المشاهد الكروية الليبية، التي تُثبت أن كرة القدم ليست مجرد تسعين دقيقة، بل هي قصة انتماء وعشق لا ينتهي.