الراحل الحاج ممدوح عقاب.. رجلٌ لم يكن مجرد اسم، ولا مجرد رئيس نادٍ، بل كان روحًا تضيء المكان، وتترك أثرًا لا يمحوه الزمن مهما طال.. وكما وعدت، سأظل أكتب عنه وعن كل لحظة جمعتني به، لأن هذا الرجل – وبلا أي مبالغة – ترك داخلي حزنًا ثقيلًا منذ رحيله المفاجئ، وكأنه أخذ معه جزءًا من ذاكرة بسيون نفسها.
ممدوح عقاب لم يكن رئيسًا عابرًا، ولم يكن صاحب منصب يؤدي مهامه ثم يرحل بل «أسطورة» بكل ما تحمله الكلمة من معنى..و أسطورة رحلت بالجسد، لكنها ستبقى حاضرًة في كل زاوية من زوايا نادي اتحاد بسيون، وباقية في وجدان كل من عايش مرحلة بنائه وصعوده.. و فما فعله هذا الرجل لا يمكن أن يُنسى، ولا يستطيع أحد – مهما حاول – أن يطمسه أو يقلل منه.
لقد أسس صرحًا رياضيًا حقيقيًا، صرحًا يليق بمدينة مثل بسيون، مدينة كان يحلم شبابها بقفزة رياضية، فجاء ممدوح عقاب وصنع الحلم بإصرار لا يعرف التراجع..و بنى النادي من الصفر، وحوّله إلى منارة رياضية واجتماعية، وجمع حوله محبة الناس قبل أن يجمع اللاعبين والفرق و جعل للنادي شخصية..وجعل للمدينة صوتًا في الرياضة.
الأمر الذي ربما لا يعرفه الكثيرون أن ممدوح عقاب لم يكن يخطط لبناء نادٍ فقط، بل كان يخطط لصناعة «حياة»..و كان يرى الشباب وقود المستقبل، ويرى الرياضة بابًا لتغيير الواقع، لذلك كان النادي بالنسبة له رسالة أكثر منه مبنى أو ملاعب أو فرق.

ممدوح عقاب الذي عشق تراب بسيون
واليوم، بعد رحيله، ستشعر بسيون كلها بالفارق و سيشعر الناس بقيمة الرجل الذي كان يسابق الوقت، ويتحدى الروتين، ويواجه التعطيل، ويصرّ على أن يكون نادي اتحاد بسيون في المقدمة، مهما كانت الظروف.. غياب هذا الرجل لن يمر مرور الكرام، لأن بصماته واضحة، وإنجازاته شاهدة، وذكراه محفورة في قلوب الجميع.
ممدوح عقاب كان حالة خاصة..كان رجلاً من طراز نادر و لا يرفع صوته، لكنه يرفع سقف الطموحات و لا يبحث عن مجد، بل عن نجاح جماعي و لم يكن يخشى الصعاب، وكان يرى في كل أزمة فرصة جديدة للنجاح.
وحين تجلس مع أهل بسيون اليوم، ستكتشف أن الجميع يتحدث عنه بروح واحدة..احترام، وامتنان، وحزن لا يهدأ.. فقد رحل الرجل، لكن أثره باقٍ، والنادي الذي بناه شاهد على أن العظماء يرحلون..لكن أعمالهم تبقى.
رحم الله ممدوح عقاب، الرجل الذي أحب بسيون فعاشت باسمه، وأحب النادي فاتسع الحلم للجميع.
وسأظل أكتب.. لأن ذكراه تستحق أن تُروى، وقصته يجب أن تبقى حية للأجيال القادمة..وللحديث بقية إن في العمر بقية .











