ملف الانتقالات في الكرة المصرية لم يعد مجرد حديث عن صفقات عادية، بل صار عنوانًا لفوضى تسويقية و”فنكوش” يتكرر مع كل موسم و أرقام تتطاير في الهواء، ومبالغات غير منطقية، والنتيجة في النهاية: أموال مهدرة وأندية بلا استفادة حقيقية.
جوناثان.. الحكاية التي تكشف المستور
قبل عام واحد فقط، كان اسم المهاجم جوناثان لاعب مودرن فيوتشر على طاولة نادي الزمالك، لكن الصفقة سقطت بسبب الرقم الخيالي الذي طلبه ناديه ومودرن أعلن بوضوح: “اللاعب بمليون ونصف دولار”، أي ما يعادل 75 مليون جنيه، رغم أن اللاعب كان عمره وقتها 32 عامًا ولم يتبق في عقده سوى موسم واحد فقط.
الزمالك انسحب من المفاوضات، والحديث توقف عند هذا الحد..لكن المفاجأة جاءت هذا الموسم، حيث أنهى جوناثان عقده ورحل بالمجان، ليصبح لاعبًا حرًا بلا أي مقابل مالي يعود على ناديه.
أين المنطق؟
السؤال الذي يفرض نفسه: كيف للاعب كانت قيمته قبل عام 1.5 مليون دولار أن يصبح بعد عام بلا أي قيمة تسويقية؟
الأمر لا يقتصر على خطأ في التقدير، بل يعكس غياب رؤية واضحة وسياسة تسويقية حقيقية داخل الأندية المصرية.
بين “السبوبة” والواقع
قصة جوناثان ليست استثناء، بل نموذج متكرر في سوق الانتقالات المصري. أرقام “وهمية” يتم تسعير اللاعبين بها لإفشال صفقات أو للظهور أمام الجماهير بمظهر الحفاظ على النجوم، ثم تأتي النتيجة كارثية: اللاعب يرحل ببلاش، والنادي يخسر أي عائد محتمل.
الدرس الأهم
ملف جوناثان يفتح الباب مجددًا للنقاش حول إدارة أموال الأندية..وهل نحن أمام قرارات احترافية مبنية على أسس تسويقية واضحة، أم أن السوق ما زال يُدار بعقلية “العكّ” حيث تُهدر الملايين بلا حساب؟
أمثلة أخرى على “فنكوش الصفقات”
قضية جوناثان ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالتاريخ القريب للكرة المصرية مليء بأمثلة مشابهة لصفقات فشلت بسبب تسعير مبالغ فيه أو سوء إدارة مالية.
جاكسون موليكا.. الصفقة الضائعة
المهاجم الكونغولي جاكسون موليكا كان هدفًا للأهلي والزمالك عام 2020، لكن نادي مازيمبي رفع السعر إلى أكثر من 3 ملايين دولار، في وقت كان اللاعب في آخر مواسمه هناك. الأهلي والزمالك انسحبوا، وبعدها بفترة قصيرة انتقل موليكا إلى بشكتاش التركي بمقابل أقل كثيرًا من الرقم الذي رُوّج في مصر.
كاسونجو.. خسارة مزدوجة
كابونجو كاسونجو مثال آخر من الزمالك.. النادي دفع فيه مبلغًا كبيرًا عند ضمه من الاتحاد السكندري، لكنه رحل في النهاية وسط أزمات تعاقدية وقضايا دولية انتهت بتعويض مالي ضده..و هنا خسر الزمالك أمواله في الشراء، وفشل في استردادها عند رحيله.
رزاق سيسيه.. النهاية بلا مقابل
نفس السيناريو تكرر مع الإيفواري رزاق سيسيه..وضمه الزمالك من إيفيان الفرنسي بمبلغ معتبر، ثم تنقل بين الإعارات قبل أن ينتهي مشواره داخل النادي بلا أي عائد يوازي ما تم دفعه.
الخلاصة
من جوناثان إلى موليكا مرورًا بكاسونجو وسيسيه، تتكرر القصة نفسها: أرقام “فنكوشية”، قرارات غير مدروسة، وأموال تُهدر بلا عائد وبينما تعاني الأندية من أزمات مالية خانقة، تبقى هذه الصفقات عنوانًا واضحًا لفشل منظومة التسويق والاحتراف في الكرة المصرية.
الكرة المصرية لن تتطور طالما بقيت القرارات الكبرى رهينة “فنكوش” إداري وتسويق وهمي، والضحية دائمًا هو الجمهور الذي ينتظر بناءً حقيقيًا، بينما يجد نفسه أمام “فقاعة” تنفجر سريعًا وتترك خلفها خسائر بالملايين بسبب بعض المسؤولين الحرامية ” اللي بيركبوا عربيات العربية ب 5 مليون”! ولنا في هذه القصة كلام عن بعض رؤساء الأندية الذين تربحوا ولابد من محاكمتهم ووضعهم تحت المراقبة وتفتح لهم ملفات أبرزها : ” من اين لك هذه ..ولا ايه يا جنرال”؟!