الراحل الحاج ممدوح عقاب، مؤسس ورئيس نادي اتحاد بسيون، غادر عالمنا في الساعات القليلة الماضية وسط حزن رهيب من كل أبناء بسيون، وقريته صالحجر التي خرجت عن بكرة أبيها لتودع واحدًا من أعظم رجالها وأكثرهم تأثيرًا.
الحاج ممدوح – كما كنت أحب أن أناديه – كان عبقريًا بحق، أحد أبرز رجال الأعمال في بسيون ومحافظة الغربية، وتاجرًا فذًا بكل ما تعنيه الكلمة .. وكانت هذه الفِطنة التجارية هي نفسها التي جعلته قائدًا فذًا في العمل الرياضي، قادرًا على تحمّل صعوبات تخطّت 25 عامًا، كنت خلالها شاهد عيان ومرافقًا له في معظم خطوات إنشاء صرح اتحاد بسيون.
مواقفي معه كثيرة جدًا، وسأستعرضها تباعًا، حتى يعرف القاصي والداني أن هذا الرجل لم يكن عاديًا أبدًا.. بل كان جبلًا من الصبر والقوة، تحمّل الكثير وصمد أمام رياح عاتية، وظل صلبًا لا ينحني.
حُزني عميق وبلا حدود على رحيل الحاج ممدوح.. كنت أراه و ، أجلس معه في محله “التاريخ” الكائن بشارع المدارس بمدينة بسيون، ولم أتخيّل يومًا أنني سأكتب عنه نعيًا، أو أشعر بهذا الثقل في صدري بعد رحيله.
ولأن الحديث عن الحاج ممدوح عقاب لا ينتهي، دعوني أكمل الحكاية :

كان الحاج ممدوح طوال حياته عاشقًا لبسيون، لا يبحث عن منصب، ولا ينتظر من أحد جزاءً ولا شكورًا..وكان بيته مفتوحًا لكل الناس، ومسجد قريته صالحجر يشهد على كرم قلبه قبل كرمه المادي..و في النادي، كان أول من يحضر وآخر من يغادر ،و يطوف على الملعب، غرف الملابس، محيط النادي .. يسأل، يتابع، يصحّح، ويساعد بصمت ودون ضجيج.
وفي عزاء الراحل، ظهر معدن الرجال.. الآلاف الذين احتشدوا في مشهد يليق بتاريخ الرجل..و الشيخ محمود القزاز وقف يقرأ في العراء أمام بحر من البشر، والجميع يقف بخشوع، كأن بسيون كلها تقول: “لن ننسى من خدمنا بإخلاص”.
رحل ممدوح عقاب، لكن اسمه بقي محفورًا في قلب كل من عرفه.. في تاريخ اتحاد بسيون.. في ذاكرة صالحجر.. وفي وجدان كل مَن رأى منه مروءة وشهامة وإخلاصًا نادرًا.
وللحديث عن الحاج ممدوح عقاب ، بقية إن كان في العمر بقية .







