✍️ هاجر تهامي
أن تطلب من حارس أن يُعلّق قفازه، كأن تطلب منه تعليق روحه على باب زويلة لكنها سنة الحياة بقسوتها وجمالها، يديرها واحد، ويُخرجها واحد.
فهلّا رفعنا القبعة للشناوي، وأعطينا شوبير قفاز اللقاء؟
الجسد لا يرحم، والسن لا يتوقف عن رسم خطوطه على جسد “الشنو”، فيفقده شيئًا من مرونته، من قوته، من لياقته، لكن ليس الأمر بهذا السوء، فسيُكمل الشناوي مسيرته بما استطاع، لكن لا بد لريبرُو أن يُسلِّم العهدة كاملة إلى شوبير الصغير.
فإما أن يحسن هذا الفتى حفظها، ويأخذ العهد على نفسه، والوعد أمام جمهوره، مرددًا:
“وعد وتاخدوه عليّا، لأهدّ جبال، وأعمل خيال، وأحقق الأحلام، وأعيش عيشة الأبطال، وأقدّم القربان عندك يا بدوي!” أو أن يضيعها من بين يديه، وهنا سيتحمل وحده عاقبة خيبته، فهو وحده سيد هذا المرمى، فليفعل ما يشاء إما أن يصادقه أو أن يخونه، فينقلب عليه.
إن حراسة العرين ليست أمرًا يسيرًا، خاصة حين تحرس كيانًا عملاقا كالأهلي ويزداد الأمر صعوبة حين يكون والدك في الصورة.
شوبير الصغير خير خلف لشوبير الكبير، لكن المسؤولية الآن على عاتقه وحده، حتى وإن وقف خلفه فريق كامل، فالحلم والأمل بين ذراعيه هو.. هنا فريق بمفرده،هو السد وهو الربّ في لحظات الحسم .. مسؤولية لا يعرفها إلا من عاشها.
وفي وقت اعتدنا فيه أن تأخذ “الواسطة” مكانها، وأن يُورّث المجد دون إراقة نقطة عرق واحدة، فاجأنا “أوفا” بكرة في وجهنا، ضرب بها ثوابتنا في عرض الحائط، فوقف في أكثر من مباراة حاسمة قويا واثقا حاميا مرددًا: “أنا هنا بنفسي، وعن نفسي، لكن ليس لنفسي.. أنا أقف لكم جميعًا.. حارسًا وسدًا.. أنا مصطفى شوبير.”
فهل حان الوقت أن يقف شوبير.. ويجلس الشناوي؟
رغبة البقاء أقوى من استراحة المحارب، لكن ربما يفعلها “شنو” بإرادته، فيقف “أوفا” على باب الحراسة، بعدما جمع أدواته الدفاعية، وأدرك كيف يستخدمها ويلعب بها وعليها.
أم سننتظر سيناريو دراميًا، يكتبه كاتب بارع،ليظهر البطل الصغير أمام الكاميرا، ويغادر الآخر في صمت موجع خلفها؟
لماذا لا يكون الأمر تبادليًا؟ نصفًا بنصف؟ أو على الأقل ثلثين بثلث؟
لماذا نُصرّ على مشاهد الوداع المؤلمة؟ لماذا لا نسلّم الأمور طواعية، دون أسباب خارجية كإصابة أو ما شبه ذلك؟
رضينا أم أبينا، في هذه الحياة بنظامها التبادلي، نحن فيها مسيّرون لا مخيّرون، حتى وإن ظننا أن القبضة محكمة عليها بهذا القفاز وتلك اليد.
فليسترح حارس العرين، راضيًا، واثقًا، مؤمنًا بالتجديد،حبًا في الكيان، الذي أقسم ألا يتركه وحيدًا في الميدان.