بداية ..معذرة عزيزي القارئ، لأنني سأتحدث في مقالتي اليوم بعيدا عن مجال تخصصي في النقد الرياضي، ولكنني سأعرج بكم قليلا بعيدا عنه لدقائق قليلة، لأروي لكم مقتطفات ضئيلة لشخصية أثرت في حياتي الشخصية، الاجتماعية والمهنية، وهو خالي العزيز الراحل الأستاذ صلاح حسن محمد الراس، المحامي الكبير، الذي امتهن مهنة المحاماة عن حب وشغف .
صلاح حسن ابن الأزهر الشريف، جامعة العلم والعلماء، والذي يعد أهم مؤسسة ومرجع ديني في العالم أجمع لجميع المسلمين، خريج كلية “الشريعة والقانون”، حافظ كتاب الله “القرآن الكريم” وهو في سن صغير، والذي توارثه عن والده “جدي” الراحل الشيخ حسن الراس، الذي لم يترك صلاة جماعة واحدة في المسجد طيلة حياته إلا وأداها، وما منعه من الذهاب للمسجد نادرا إلا أثناء تواجده في عمله فقط .
خالي العزيز أخاطبك وأنت في الدار الآخرة، دار الحق، دار الفناء، وأؤكد لك أننا جميعا تعلمنا منك الكثير من الخصال الجميلة، وسرنا على دربك، نحذو حذوك قدر الإمكان أنا وجميع أشقائي د. إيهاب فؤاد، وصلاح، وإسلام فؤاد، وأبناء خالاتي “شقيقاتك” محمد، وبهاء، والراحلين نور، وصلاح فتحي المتولي عبد الواحد، وأشرف، وأيمن، وأحمد، ونصر، وامير كمال كشك، وعلي، وحسن، ونصر، وعاطف، وصلاح طاهر زيدان .
الحاضر الغائب خالي الحبيب، لا أصدق أنني أرثيك، فقد تعلقت بك كثيرا، فأنت المثل، والقدوة، والسند، والوالد بعد رحيل الأب، الذي رحل عن دنيانا قبل قرابة الأربعة عقود.
أحببتك لطيبتك وحبك لي وخوفك علي، وأتذكر نصائحك العديدة التي أنارت لي الطريق وكنت سببا في التحاقي للعمل بمهنة الصحافة، تلك المهنة التي أحببتها بشغف وأعشقها بجنون، كنت أحلم أن أصبح صحفيا محترفا ومتخصصا في مجال النقد الرياضي وقد كان.
كنت تسعد عندما تشاهدني ضيفا بالتليفزيون، أو مقدما لأحد البرامج، كما حدث من قبل، خلال التجربة القصيرة التي خضتها بتقديم برنامج “دنيا الرياضة” على قناة
“ABC ” خليجية الكويتية، بصحبة الأخوين والزميلين العزيزين، علي عبد العليم وجابر رشدي، كنت تسعد عندما تسمعني مرة، ضيفا بالإذاعة، أو ترى لي مقالا قويا في إحدى الصحف أو موقع من المواقع الإلكترونية فتهنئني عليه .
الخال “الوالد”، بفضل توجيهاتك ونصائحك بعد الله حققت ما كنت أتوق وأحلم بالوصول إليه، وكنت أول المهنئين لي بعد تعييني والحصول على عضوية نقابة الصحفيين، التي تعد حلم كل من يمتهن مهنة البحث عن المتاعب، وعضوية رابطة النقاد الرياضيين، والاتحادين العربي والدولي للصحافة الرياضية، ووصولي إلى هذه المكانة الجيدة في عالم الصحافة الرياضية .
خالي الراحل، واجهتني الكثير من المشاكل والعراقيل والصعوبات في بداية حياتي المهنية ومسيرتي الصحفية، وبنصائحك استطعت تجاوزها والتغلب عليها والحمد لله.
المحامي الكبير صلاح حسن الذي رحل في هدوء، كان جابرا للخواطر، لم أسمع عنه مرة واحدة الإساءة لكائن على وجه الأرض، حتى وهو يمر بظروف صعبة، كان يحمد الله على كل حال، راض بما قسمه الله وكتبه له.
كان حسن السمعة، دمث الخلق، يحترم الكبير قبل الصغير، محب الخير لغيره، لم يقصر مع أحد في تقديم خدمة أو مساعدة لفلان أو علان، كما لم يفته أداء واجب، حتى في أثناء مرضه، كما أنه في أيامه الأخيرة وفي شدة مرضه كان يحرص على الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة، كما كان يحرص على ذلك وهو في كامل صحته، حتى أن آخر صلاة أداها بالمسجد كانت صلاة الجمعة التي وافقت الثالث من مايو 2024 الماضي .
خالي الراحل اكتسبت أنت الكثير من الصفات الحسنة من “جدي” الراحل الشيخ حسن الراس، رحمكما الله وغفر لكما وجعل الجنة داركما، وهذه الصفات انعكست علينا جميعا أبناء شقيقاتك وأصبحنا نقلدك .
الخال الغالي ..كنت نعم الأخ لشقيقك الوحيد “الضابط” وخريج المؤسسة العسكرية عاطف حسن محمد الراس التي نعتز ونفخر بها جميعا ونجليه محمد عاطف حسن
وحسن عاطف حسن .
جنازتك كانت خير شاهد على حب الناس لك، وعزاؤك كان خير مثال على أنك الطيب ابن الطيبين .
خالي الحبيب أسكنك الله الفردوس الأعلى، وجعل صبرك على مرضك في ميزان حسناتك ..”هتوحشنا” كثيرا، ولكنه القدر الذي كتب علينا جميعا، وأسأل الله أن يلهمنا الصبر على فراقك .
قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.صدق الله العظيم .