جاء قرار الابقاء على الدكتور أشرف صبحي، وزيرًا للشباب والرياضة، ضمن التعديلات الوزارية الجديدة منطقيًا، ومتوقعًا، ولقى قبولًا لدى قطاعات كبيرة من المتابعين والمحللين، لأسباب كثيرة.
أداء المرحلة
لا يمكن إنكار الأزمات التي تعيشها كرة القدم المصرية منتخبات وأندية واتحاد وجهات تنظيمية.
ورغم أن وزارة الرياضة بلعب دور أكبر مما هو عليه لعلاج تلك القضايات إلا ان اختصار دور وزير الرياضة المرحلي في ملف كرة القدم على وجه التحديد من المغالطات الكبرى، والتي تٌعد ظالمة ليس لأشرف صبحي بالتحديد، بل لأي وزير آخر.
لذلك فإن رئاسة الوزراء حينما تنظر إلى معطيات تدفعها لتحديد هو هوية الرجل الذي يتربع على كرسي الشباب والرياضة، أوسع وأشمل من نظرة الشارع العادي أو مشجع الأهلي والزمالك.
إذا بحث عن أولى الأسباب القانعة بفكرة استمرارية “صبحي”، ستجده وزيرًا مرحليًا يناسب طبيعة الدولة وقيادتها.
يمكنك ملاحظة ذلك في حجم نشاطه، فأشرف صبحي هو الوزير الوحيد الذي قد تجده في ثلاثة إلى أربعة محافظات في يومٍ واحد.
يبدأ في العريش ويمر بالإسماعيلية ويباشر عمله في العاصمة قبل أن يختمم يومه في صعيد مصر.
في السنة لأولى لصبحي لم يتخطٍ عدد ساعات نومه الثلاثة ساعات، لا نقول ذلك مجاملة، بل يمكنك التأكد من كل دوائره، في حين كان أحد الوزراء السابقين من مشاهير كرة القدم ينام داخل وزارته إلى الرابعة عصرًا، بشهادة كثير من الفاعلين في الوسط الرياضي.
يمتلك “صبحي” الرغبة والإرادة، ولأجلهما لا يستسلم لإرهاق أو تعب، لذلك هو الشخص المناسب في عقل صاحب القرار وإن كانت هناك علامات على المردود يمكن تصويبها وفق سياسات جديدة.
الدبلوماسية عنوانًا
كما يمتاز “صبحي” بدبلوماسيته، لا يدخل في عداءات شخصية مع كافة أطراف المنظومة الرياضية، ليس رجل مصالح أو حسابات، هو أكاديمي مهني جاء بإرثه وتمسك به.
في كل الخلافات الحاصلة في الوسط الرياضي لم يتخذ موقف طرف بعنيه، تحمل الطعن والإهانات والسب والقذف، لكنه في كل مرة خرج منتصرًا مقدرًا من كافة الأطراف .
في ملف رئيس الزمالك السابق واجه أشرف صبحي تحديًا رسب فيه سابقين، وواجه عنفوان وجبروت المستشار بعقلانية لا محدودة.
كانت وزارة الرياضة تضج بصراخ وتهويل مرتضى منصور في أكثر من مرة، لم يخرج لمواجهته فتتفاقم الأمور، يترقب الوقت المناسب للتدخل، يعرف متى يحتوى ومتى يتخذ قرارًا تصعيدًا، في كل مرة لم ينزلق للقاع، ولم يُجر إلى معركة أطاحت بغيره، وفي نهاية الأمر خرج “مرتضى” من الساحة، وبقى “صبحي” منصورًا.
كما أدار ملف الخلافات بين اتحاد الكرة والأهلي بحكمة ووعي شديدين، وعرف كيف يكسب محمود الخطيب ويروضه بطريقة منعت الأهلي من التصعيد والإضرار بالمسابقات المحلية.
وفي صراعه مع اللجنة الأولميبية نجح في وقف التجاوزات وأدخل القضاء حكمًا وفيصلًا ليسبب صداعًا رهيبًا لأطراف تلاحقها وتطاردها الآن اتهامات بالفساد، ومع كل ذلك لم تتحول الخلافات لعراك شخصي، هكذا منهجه منذ اليوم الأول.
بطولات بلا حد
وبين الأسباب التي تجعل بقاء “صبحي” منطقيًا، إشرافه على ظهور مصر بشكل رائع في استضافة أكبر كم من البطولات في تاريخ أفريقيا والشرق الأوسط، ففي عهده وبفضل توجهات فوقية أصبحت مصر أهم نافذة عالمية للرياضة بالمنطقة ، واستضافت الدولة المصرية بطولات العالم في كل الألعاب وأمم أفريقيا لكرة القدم للكبار والمنتخبات الأوليمبية، ووضعت حجر الأساس لاستضافة حدث عالمي كبير سواء كان الأولمبياد أو كأس العام، وذلك بمشروع المدينة الرياضية بالعاصمة الإدارية.
دع مراكز الشباب
وفي عهد الوزير الحالي حصلت مراكز شباب مصر على دعم غير مسبوق.
ولأن الدولة كانت في حرب مع الإرهاب، أعطى “صبحي” مراكز الشباب ألويات كبيرة.
طور الملاعب وقدم دعمًا ماليًا، واستحدث أنشطة، ونظم فعاليات، وأسس بنية قوية من ملاعب لرياضات مختلفة وحمامات سباحة، وغيرها.
تطورت مراكز شباب مصر بشكل غير مسبوق بفضل توجيه الجزء الأكبر من الموارد المالية إلى تلك القطاعات التي آمنت الدولة أولًا، ومن خلفها الوزير بأهمية هذا القطاع والاستثمار فيه.
الاستثمار
لم يحقق “صبحي” بعد مراده وأحلامه في الجانب الاستثماري، فهو رجل تسويق بارع بالأساس لكن الظروف لم تسعفه في تحقيق طموحاته.
ربما لم تساعده الظروف الاقتصادية في التطوير الكامل، وتنفيذ رؤاه التي جاء بها تفصيلًا، وهي الأحلام التي يدخل بها ولايته الجديدة راغبًا في ختام مثالي يبقيه في الذاكرة الإيجابية للمصريين.
لكن في نهاية الأمر نجح في أن يكون وزيرًا سياسيًا بالأساس يدير ملفه بحكمة كبيرة في التواصل مع الجميع وخلق لغة مكنته من كسب ود مختلف الأطراف أعلى منه وفي الشارع عمومًا.