كنا كعرب في باريس حاضرين دورتها الأولمبية بالعشرات بل بالمئات، وكانت وفودنا بأزيائها الوطنية في حفل الافتتاح تسر الناظرين، فالتمسك بالعادات، والالتزام بالقيم، يؤكد حرصنا كأمة على الاحتفاظ، بموروثنا الديني والاجتماعي والثقافي، وخيل الي من مشهد وفود 22 دولة عربية اننا سننافس دول الصدارة أمريكا والصين في الحصاد، لكن المحصلة في الختام كانت مخجلة 17 ميدالية فقط بينها 6 ذهبية ولولا ان البحرين والجزائر جملا الصورة بتشديد الميم بأربع ذهبيات لكان النتاج فضيحة كبرى!!
أولمبياد باريس بحصاده العربي يبرهن على انه لا يوجد في الدول العربية مجتمعة استراتيجيات رياضية يمكن الانتظار عليها حينا من الزمان حتى تؤتي اكلها، فما حدث في باريس حدث في غيرها من المدن التي استضافت الدولة الأولمبية طيلة 100 مضت، وما حصل من نتائج في الفترات السابقة كانت بلغة اهل الخيل ” فلتت شوط ” رياضيون موهوبون حضروا في زمان ووجدوا شيئا من الاهتمام ثم دخلت اللجان الأولمبية والاتحادات الرياضية في نومة اهل الكاف!!
لقد كان المغرب في زمن نوال المتوكل، سعيد عويطه، هشام القروج ، والجزائرايام نور الدين مرسلي وحسيبة بالمرقة وغيرهم من الحالات الفردية التي اشعلت قناديل الفرح في قلوبنا ورسمت الفرحة على محيانا، وزرعت فينا امل كاذب بغد افضل، لأنه لم تكن هناك خطط تضمن الديمومة، واذا وجدت الخطط فان ديمومة الاهتمام غير موجودة ، ولان ماحصل كان ثمار جهود فردية كما حدث مع العاب القوى السعودية تحت قيادة الأمير نواف بن محمد الذي قدم للساحة سعد شداد، هادي صوعان، حمدان الشمراني، ويوسف مسرحي وكما حدث للفروسية السعودية التي حصدت ميدالية برونزية الفردي في سيدني بجهود الفارس العيد، وبرونزية الفرق في لندن بجهود فريق صندوق الفروسية برئاسة الأمير فيصل بن عبدالله ، ويمكن استثناء الفرسان السعوديين من التقييم في دورة باريس لانهم قدموا افضل ما لديهم وكان رمزي الدهامي ، وعبدالرحمن الراجحي من بين افضل عشرة فرسان في العالم بنتائجهم في الدورة التي جمعت 76 فارسا، مثلما تعد البحرين والجزائر الاستثناء في التقييم العام للدورة.
ولربما ارجع قائل السبب في ضعف النتائج العربية في الاولمبياد الى الإمكانات المادية، وهذا كلام مناف للحقيقة فالإمكانات متوفرة لكنها تصرف في غير طرقها الصحيحة بكل صراحة ووضوح، فهل الباهاما، والدومنيكان، وجزر الكاريبي، وغيرها أحسن حالا من الدول العربية، حتى منافسة في الدورات الأولمبية طيلة العقود الثلاثة الماضية، وستظل في العقود المقبلة ابدا، لكنهم يملكون رؤية وخططا مستقبلية واضحة تعتمد على الاستدامة، واستثمار الفرص المتاحة بأقل التكاليف.