من يظنون أنهم قادرون على أن يخرجوك من الزجاجة ويمنعوا عنك الماء مادروا أنك برمائي قادر على أن تتنفس الهواء هؤلاء يحيكون المؤامرات وينتجون الوهم إنهم لا يفكرون إلا في أنفسهم والخاضعين لهم هؤلاء لا يقيمون اعتبارا للمضمون لأنهم خاوون وأن ،البلد وناسه بحاجة ملحة ليتنفسوا الصعداء ويعبروا حالة الضيق والخنقة التي يعانونها من استمرار وجود البلد بعنق الزجاجة فالمراوحة والتقهقر كلاهما متعب ومرهق للناس ومبدد لتفاؤلهم يعيش البلد بعض المتغيرات التي ربما تكون عنصراً مستجداً يخلق فرصاً حقيقية ومواتية للتغيير الذي يترقبه الناس وطال انتظارهم له حتي لو أوصدوا عليك الأبواب لن يستطيعوا أن يحجبوا فكرك من التسلل من عنق الزجاجة إلى فضاء المعرفة الواسع ذلك الفضاء الذي تطل من خلاله بكامل أناقتك ولا تحتاج لأكثر من كوب من القهوة وقطعة من البسكويت إلى الأعلى وأن أسلوب تشكيل الوزارة وشخصياتها والتي غلب عليها نمط الترضيات والتسويات والمحاصصة وخلو الوزارة من الشخصيات القوية والمناسبة لمهام وزراء يكونون رجال دولة لا موظفين منفذين دون إرادة أو شخصية أو قرار. ومن ذلك أن تكون الحكومة بنهج وتكوين مختلف تماماً عما جرى عليه الحال طوال الخمسين عاماً الماضية لما أُثِر عن رئيس الجمهورية من تطلعاته المختلفة لإدارة شؤون الدولة ولا يخفى أن تلك أسباب زادت جرعة الترحيب لكنها لم تبدد الترقب.
أما الترقب فسببه أن الحكم في مصر يسير بمسلك تغلب عليه الرتابة والنمطية ما يعني في الجانب الآخر أن التغيير سيكون شكلياً وطفيفاً وتغييراً للوجوه والكراسي ولن يمس لا النهج ولا تغيير التكوين وهو ما سيعيد حالة الترقب لاستمرار المشاهد السياسية السابقة ما لم تتم في معيتها علاجات جراحية مختلفة حتى لا يحشر البلد مرة أخرى في عنق الزجاجة وتستمر مقولة “لا طبنا ولا غدى الشر” بكل إرهاصاتها إلا أن الغبش الذي صاحب تصريحاتهم واحتفالاتهم فرض حالة من الوجوم والتحفظ وربما التخوف من التغييرات غير المرغوبة في مسار الإصلاح الوطني المنشود وتحول جديد في المسار وخروج تحالفات جديدة بعيداً عن طموحات الناس. وتبقى قضايا ملحة ينبغي ألا تغيب عن الجميع منها أن من كانوا أطرافاً في خلط الأوراق والتفريط في مصلحة البلد لابد من محاسبتهم ولا يصلحون للاستمرار بمواقعهم تصحيح مسار البرلمان بالتصدي لكل المخالفات والسوابق والممارسات غير الدستورية بوصفه مطلباً لا يمكن التفريط فيه وإن لم يكن هناك من خيار سوى عودة رئيس الوزراء نفسه وهو ما تم فعلاً فعليه ألا يغامر بالتجريب السياسي المضر فلا يستمع لمن يعده بالتحصين ويمنيه بأغلبية جديدة تحميه فتجاهل الحقائق والنصح والآراء المخلصة وعدم التزام أحكام الدستور سرعان ما ستوصله إلى طريق مسدود إن أصر على نهجه السابق بكل إشكالياته اعتماداً على تحالفات هشة ومرحلية. فليكن التغيير الحقيقي للإصلاح واقتلاع الفساد مخرجنا من عنق.
وقد يتساءل المخلصون ما السبيل الى جعل مصر واحة أمن وأمان واسـتقرار تحدوها راية العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وتطبق بها معايير الثواب والعقاب ويحترم فيها القانون وتراعى النظم واللوائح ويقف الجميع ضد الواسطة والمحسوبية ويعطى كل انسان حقه على ان يعرف ان عليه واجباً تجاه وطنه يجب ان يقوم به والا فالقانون وانه امام طائلة القانون حين يقصر ويخمل ويكسل ويتكاسل؟
متى يشعر المسؤول اي مسؤول انه مسؤول امام الله لتحمل أعباء المسؤولية ومسؤول امام الجهات العليا سواء بالسلطة التنفيذية او التشريعية فاذا أبدع في عمله وجد التقدير والمكافأة المجزية واذا قصر وجد المحاسبة والمتابعة والرقابة؟ متى يشعر الكل ان البلد بلدهم وانهم جنود من اجل مصر وليست مصر بقرة حلوبا لهم؟ متى نعمل معاً على ايقاف انتهاك حرمة المال العام وسيادة القانون؟
متى نشعر جميعاً ان مصر بحق لنا ونحن لها؟ اذا وصلنا الى هذا كله جعلنا مصر بفضل من الله ورعايته وتوفيقه واحة أمن وأمان ومكانا للعمل المثمر المنتج وبلدة طيبة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان وشعبها حامدا شاكرا عاملا مقتنعا فهل ذلك صعب المنال؟ وهل بعض الدول محدودة المصادر الطبيعية ومحدودة المساحة أفضل منا فيما وصلت اليه؟
لهذا فالاصل ان نعمل من اجل الوطن بكل ما نملك من طاقة وأتصور ان أولى الخطوات نحو ذلك المجتمع المنشود هي تقييم نظامنا التربوي وتقويمه بحيث تكون مخرجات التعليم العام مصبوغة بصبغة ذات سمات واضحة منها: الايمان بالله رباً وبالاسلام دينا وان الاسـلام عقيدة هذا المجتمع وان نفكر بالمستقبل بجد وثبات ماذا نريد ان تكون عليه مصر في ضوء كل المعطيات المحلية والاقليمية والدولية السياسية لها او الاقتصادية او الاجتماعية وعليها نحدد مسار الدولة ونوعية المواطن المؤهل لكي يلعب دوره في تلك الدولة وفق الظروف المشار اليها على ان تكون اجهزة الدولة كلها تعمل نحو الوصول لهذا الهدف بتوافق وتناسق وانسجام وتنافس من اجل تقديم الافضل مع المتابعة والتوجيه والارشاد والتعليم والتقويم دون مجاملة او مراعاة لخواطر.
ما هو مصير الدولة ان كان هناك رسم جديد لخريطة المنطقة؟ وهل تغيير النظام الدولي هو الهدف والغاية ام هو البداية لتغيرات قادمة تمس وجودنا وثقافتنا وهويتنا ومناهجنا؟ فالوقت من ذهب ويجري بسرعة فإن لم نلحق بالركب فقد نهلك ولن ترحمنا عندها الاجيال القادمة و ان الكل سواسية والتمايز في الانتاج والابداع الامانة الصدق الاخلاص التفاني سمات المواطن الصالح الذي يرضي ربه ويخدم مجتمعه.
ان الامم بالعلم والاخلاص فعلى المواطن ان يتحلى بسلاح المعرفة والاخلاص وان مصر هي نبض الامة العربية الاسلامية فلا يمكن ان يعيش المواطن المصري بمعزل عن هموم أمته وقضاياها،المهارة العقلية والمهارة اليدوية أدوات العمل الناجح والمواطن النافع ولا يمكن ان تكون هناك مكانة مصر اليوم والغد دون تآلف وتراحم وتعاون المواطنين بجميع فئاتهم وتياراتهم.
وحماية الجبهة الداخلية مع الجبهة الخارجية وجهان لعملة واحدة لحماية تراب مصر من اي اعتداء خارجي وخدمة مصر هي خدمة الذات والاسرة في الوقت نفسه وان يشعر الجميع انه من دون مصر لن تكون هناك قائمة لأي تيار او فئةولذلك ينبغي ان يكون الولاء للوطن واضحا لدى الجميع وان يفكر المواطن بغده ولا ينسى يومه ويستخلص من ماضيه العبر والدروس لحياة افضل ان نختار القوي الامين صاحب الكفاءة والتخصص والمعروف بنزاهته واخلاقه في مواقع القيادة الحكومية وتحمل المسؤولية وفق معايير واضحة ومحدودة ونتابعه ونحاسبه فمصر لم تعد حقل تجارب فأي تقصير في حقها يجب ان يواجه بكل حزم ومسؤولية وان اي تأخير في اتخاذ القرار سوف يجعلنا ندفع الثمن غالياً وهذا الاختيار سواء على مستوى السلطة التنفيذية بتعييناتها المختلفة او على مستوى الانتخابات البرلمانية والاتحادات وجمعيات النفع العام فالمسؤولية مشتركة ما بين أصحاب القرار والقاعدة الجماهيرية والعمل على تنويع الانتاج ما أمكن وعدم الاعتماد على مصدر دخل واحد وهو جيوب الشعب واصبح ضرورة وطنية ملحة علي الشعب وعلى التيارات السياسية والتجمعات الفكرية والجمعيات الثقافية ان تضع اسلحة التراشق جانباً وتنبذ متوالية الشتم والسخرية والاستهزاء حيناً من الدهر وتتنازل عن مفهوم احتكار الوطنية والحقيقة من اجل التعاضد والتكاتف امام هجمات محلية واقليمية تريد ان تفتك بالوطن وبالمكتسبات الوطنية وان نجحت هذه التجمعات نتيجة لتفرقنا وتمزقنا وتشرذمنا فلن يبقى الوطن فهل تتعظ تلك التيارات ام تصحو بعد فوات الاوان؟
وهل ممكن ان يعي الابناء ان قـضـيـة تصفية الحسابات لن تؤدي الا الى مزيد من التخلف والتشرذم؟ وليعلم الجميع ان الوطن اهم من الكرسي فما فائدة المنصب والكرسي والابهة والوطن ممزق والشعب يئن من فساد ذمم وضمائر ودمار فيا وطن كلنا نحبك لكن هذا الحب يحتاج الى ترجمة عملية محسوسة وملموسة.
حفظ الله مصر من كل مكروه في خضم هذه التقلبات الخطيرة حولنا ونحن عنها لاهون.