حينما بدأ دونالد ترامب حملته نحو البيت الأبيض، سبقت وصوله تصريحات أثارت الجدل بين مؤيد ومعارض، حملت وعودًا كبرى بإنهاء الحروب، وعلى رأسها حرب غزة والصراع الروسي الأوكراني. تفاءل البعض بإمكانية تحقيق السلام في الشرق الأوسط، لكن بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، جاء خطاب التنصيب مغايرًا تمامًا، حيث حمل استعراضًا للقوة وكلمات غير مدروسة، لم تبشر بأي استقرار للمنطقة.
ترامب والتهجير القسري
تصريحات ترامب الأخيرة بشأن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن أعادت إلى الأذهان ما قاله صهره جاريد كوشنر في فبراير الماضي، حين تحدث عن إفراغ قطاع غزة من المدنيين وفتح المجال أمام الإسرائيليين لاستغلال إمكانياته الاقتصادية وسواحله الممتدة.
ترامب والتهجير القسري
تصريحات ترامب الأخيرة بشأن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن أعادت إلى الأذهان ما قاله صهره جاريد كوشنر في فبراير الماضي، حين تحدث عن إفراغ قطاع غزة من المدنيين وفتح المجال أمام الإسرائيليين لاستغلال إمكانياته الاقتصادية وسواحله الممتدة. وما زاد من خطورة الأمر، ما كشفه مصدر إسرائيلي مؤخرًا بأن هذه التصريحات ليست مجرد زلة لسان، بل جزء من مخطط مدروس جرت مناقشته بجدية داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية.
كما أكد مسؤولون إسرائيليون علمهم بهذه الأفكار، مشيرين إلى وجود خطة واسعة النطاق لنقل الفلسطينيين بشكل دائم أو مؤقت إلى مصر والأردن.
ابتزاز سياسي وتهديد للخليج
لم يكتفِ ترامب بالحديث عن تهجير الفلسطينيين، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مهددًا دول الخليج والشرق الأوسط، في محاولة لابتزاز مليارات الدولارات، متباهيًا بأنه الحامي والمدافع، وعلى الجميع أن يدفع لواشنطن ثمن الحماية. هذا الخطاب يكشف بوضوح أن ترامب لم يأتِ لتحقيق الأمن والاستقرار، بل لإثارة الأزمات واستغلال موارد المنطقة لصالح بلاده.
مصر.. موقف لا يتغير
ربما لا يدرك ترامب طبيعة الشعب المصري ومواقفه الثابتة التي لا تتغير، فجاءت الرسالة واضحة عندما زحف المصريون بالملايين نحو حدود رفح، رافضين مجرد الحديث عن التهجير. هذا التحرك الشعبي لم يكن مجرد احتجاج، بل كان تأكيدًا على الدعم المطلق للقيادة السياسية، التي أوضحت منذ اللحظة الأولى أن سيناء ليست للبيع، وأن أرضها التي رُويت بدماء الشهداء لن تُمسّ.
ولعل أبرز دليل على ذلك القرار الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 23 ديسمبر 2012، حين كان وزيرًا للدفاع، والذي يحظر أي تصرفات في الأراضي والعقارات بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية، حفاظًا على الأمن القومي المصري.
الرفض الدولي لمخططات التهجير
على المستوى الدولي، رفضت العديد من المنظمات الحقوقية مخطط التهجير، معتبرة إياه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وتهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة. كما أطلقت مجموعة لاهاي، التي تضم دولًا مثل جنوب أفريقيا وماليزيا وكولومبيا وبوليفيا وكوبا وهندوراس وناميبيا والسنغال وجزر بليز، حملة لدعم إقامة دولة فلسطين المستقلة، في مواجهة محاولات فرض التهجير القسري.
رسالة واضحة إلى الإدارة الأمريكية
الموقف المصري لم ولن يتغير، وهو ثابت تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
إذا كانت الإدارة الأمريكية تبحث عن مصالحها، فعليها أن تدرك أن أمن المنطقة واستقرارها لا يتحققان بالمخططات العبثية، بل باحترام حقوق الشعوب وإنهاء الاحتلال، وليس بإشعال الأزمات وإثارة الفوضى.