على مرّ العصور، خاضت الأمم حروبًا ضارية، دفاعًا عن الأرض والكرامة والسيادة. ولم تسجل كتب التاريخ يومًا أن قاعدةً عسكرية أجنبية أو جيشًا من دولة مجاورة، قد هرع ليذود عن وطن ليس بوطنه و لم يحدث أن قاعدةً على أرض الغير صدّت عدوانًا أو منعت احتلالًا.
من يظن أن السماح بتمركز قوات أجنبية على أرضه سيمنحه الأمان، فهو واهم. فالقوة الحقيقية لا تأتي من الخارج، بل تنبع من الداخل ..من جيش وطني شريف، ومخلصين لا ينامون قبل أن يطمئنوا أن الوطن آمن.
عندما تتخلى القواعد.. ولا يبقى إلا الجندي الوطني
أمامنا شواهد من واقعنا المعاصر، لا من قصص الغابرين. خذ مثلًا الهجوم الإسرائيلي الأمريكي على إيران، ماذا فعلت القواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج؟ لا شيء. وماذا قدم “أصدقاء إيران” لها؟ لا شيء ولقد وقفت تلك القواعد كأبراج مراقبة… صامتة، محايدة، وربما متواطئة.
إن الحقيقة الساطعة تقول: لا أحد يدافع عن الوطن إلا جيشه. لا درع يحمي الحدود سوى الجندي الوطني، لا صمام أمان للبلاد سوى من نشأ على ترابها واستعد للتضحية من أجلها.
الجيش المصري.. درع الوطن وقت العواصف
حين اجتاحت رياح 25 يناير البلاد، وانطلقت موجة الاحتجاجات وسط مخطط دولي لتفكيك المنطقة، وقفت المؤسسة العسكرية في مصر موقفًا يُدرّس وحافظ الجيش على الدولة، لم يصطدم مع الشعب، ولم يسعَ للسيطرة، بل ترك الناس تعبر عن رأيها بحرية، مع حماية ثوابت الوطن.
ثم جاء الانفجار الأكبر: اختطاف الثورة من قِبل جماعة إرهابية، حاولت سلب الدولة، وأخذ الوطن إلى حافة الهاوية. لكن الشعب استيقظ. خرج المصريون بالملايين، رفضًا لحكم الجماعة، ودعمًا لدولتهم الوطنية.
30 يونيو.. لحظة استرداد وطن
كان يوم 30 يونيو فصلًا جديدًا في تاريخ مصر الحديث. اليوم الذي عاد فيه الوطن إلى أهله، وتحرر من فكر “أخونة” الدولة، والعنف، والدمار. لقد وقف الجيش إلى جانب الإرادة الشعبية، فأنقذ البلاد من دوامة الحرب الأهلية، وأعاد لمصر وجهها الذي كادت أن تفقده إلى الأبد.
اليوم، ونحن نراجع تلك اللحظات، ندرك أن الجيوش الوطنية ليست مجرد مؤسسات عسكرية، بل هي الروح الحارسة للدولة، وعصب بقائها. من دون الجيش، لا وطن. ومن دون تماسكه، لا أمان.